قوش قباب .. ..خاطره ادبيه للأديبه / ميسون يوسف نزال

( خاطرة ) قوسٌ قُبابٌ

★★★★★★★★

مازلتُ أقفُ على أطرافِ مدينتي... 

ليلُها المقفرُّ يداعبُ خصلات صمتكَ الملونةِ بطفولتِك المغتصبةِ على سواحلِ النسيانِ... يا أبتي... 

مازلتُ أذكرُ جيدًا حينَ علَّمتني كيفَ يصيرُ الشّوقُ شعرًا ملائكيّ التكوينِ... 

وكيفَ تجذبني أشجارَ الزيتونِ خلسةً بينَ الحقولِ المنتهكةِ...

كيفَ يُختزلُ عشقُ الوطنِ

في بضعةِ أمتارٍ تحتَ الثرى...

لكنك لم تخبرني أبدا 

كيفَ أُواري حزنكَ يا أبتي؟

ودموعكَ حينَ تلثمُ جبينَ الأرضِ

تنفجرُ شلالاتُ القدرِ غضباً

تقطفُ من عمركَ غصنَ النسيانِ... 

وعلى أبوابِ بيتنا العتيقِ

تجرُّ أحلامَكَ... تزحفُ على شوارعَ مفروشةٍ بعتمةِ الظلامِ

تسترقُ السّمعَ لما مضى من ضحكاتٍ... قهقهاتٍ... وأصواتٍ رحلت وأخرى لم ترحلْ بعد

تصدعت من بعدِها جدران التمويهِ...

أخبرني يا أبتي كيفَ أقطفُ من وطني زهرةَ تشرين وكيف أضعها بينَ أوراقِ عمرِكَ الآتي... وأنت تأبى أن تخدَشَ كرامةَ الأزهارِ....

أخبرني كيفَ يمرُّ العمرُ وأنا قابعةٌ هنا بينَ أهدابِ الحنينِ أمزِّقُ ما تبقى من أثرِ الذكرياتِ...

أأنسكبُ في قسماتِ وجهكَ المكتضِّ بآهاتِ الوحشةِ لحكايا سلبت منكَ وأنتَ تمتطي جوادَ العزَّةِ باحثاً عنّي هنا وهناك !!؟؟؟؟

أم أنسكبُ بين مدامعِ وطني الجريحِ أفتشُ عنكَ كإلتسامةٍ ضاعت منِّي حينَ هممتُ بفكِّ ألغازِ العالمِ... نعم هذا العالم... غريب الأطوارِ... 

أينَ أنا يا أبتي...؟

سأخبركَ بأنني ضاجةٌ هنا كطبلٍ فقدَ خاصيةَ الإدمان...لراقصةٍ لعوبٍ... 

أينَ مرافىءَ الدِّفءِ في عينيكَ؟

★★★★★★★

بقلمي/ ميسون يوسف نزال



غارقةٌ روحي في ليالي الصمتِ تبحثُ عن حقيقةِ الأنا على صدركَ يا وطناً غامضَ الشهقاتِ...

أعلنُ أنّي أنتظرُ أن تضيءَ مرساتي منارةَ العمرِ قبلَ أن أفقدَ حضنكَ يا أبتي هنا على هذه الأرضِ الطيبةِ كطيبةِ اشجارِ الزيتونِ قبلَ أن تقتلعها أيادٍ حمقاء...


ميسون يوسف نزال /فلسطين

تعليقات