المواجهة !!
هلا واجهت نفسك بصورة جادة وحادة وقاطعة ومباشرة ، ولو مرة واحدة في عمرك ، أغلقت عليك باب حجرتك ، بعدما تركت هذا الهاتف خارجها ، وقطعت كل صلة لك بالآخرين ، وأغمضت عينيك ، واستدعيت قلبك وسريرتك ، ثم رحت تواجهها بصدق !!.
واجهتها بحقيقة قربك من ربك ، كم تبلغ المساحة التي يشغلها في كيانك ، دعك من النفاق والتزلف والتزييف والادعاء ، والحرص على الشكليات وإرضاء الناس ، فهذا محسوب عليك ، هل الله يسكنك ، يجري في شرايينك ، يتدفق من قلبك ، وما علامة ذلك ، هل تفيض عيناك بالدمع حين تذكره خالياً ، هل ترتعب وترتعد فرائصك حين تعرف أنك ستلقاه يوماً ويسألك ، وأنك آتيه يوم القيامة فردا ، لا عائلة ولا قبيلة ولا جماعة ، وأن الأمر لا لبس فيه ولاريب ، فإما جنة أو نار ، لا وساطة تنفع ولا درهم أو دينار !!.
كيف حالك مع ذووي رحمك ، ماهي آخر مرة زرت فيها أختك أو ابنتك أو خالتك أو عمتك ، أو تواصلت معهن ، وأسعدتهن ، وجبرت بخاطرهن ، وقلت لهن قولاً جميلاً أطربهن ، واستمعت إلى شكواهن ، وكنت السبب في راحتهن ، وإدخال السرور على قلوبهن !!.
كيف حالك مع وطنك ، هل انشغلت بهمومه ، ودعوت له الله أن يقيل عثرته ، وأن يفرج كُربته ، وأن يعلو شأنه ، ويرد كيد عدوه في نحره ، ويحفظ ترابه، ويرتقي مَراتب العزة والمجد ، أم أنك تضمر السوء له ، وتخلط بينه وبين مَن يحكمونه ، فتنفث سمومك في كل الأرجاء ، غير عابئ بمصيره ، وتردد أقوال عداته ، وتجعل من فمك بوقاً لضلالاتهم ، ومن لسانك كرباجاً يلهب ظهره !!.
كيف حالك مع الناس ، كم مرة كذبت عليهم ، وأكلت حقوقهم ، كم مرة سعيت بين الناس بالخير أو بالشر ، كم مرة أخفيت سلعة يحتاجونها أيها التاجر المُجرم ، أو بالغت في رفع أسعارها ، أو احتكرتها ، كم مريض حملته فوق مايطيق أيها الطبيب الوضيع ، ولم ترحم فقره ومرضه ، كم قضية دلست فيها أيها المحامي ، وتحالفت مع خصمك لابتزاز المُتخاصمين ، كم مُجرم برأته أيها القاضي ، وكم برئ سجنته وأنت تعلم براءته ، كم تلميذ ظلمته أيها المدرس ، وتسببت في رسوبه وضياع مستقبله ، لأنه لم يتعاطى درساً خصوصياً عندك !!.
مطلوب منا جميعاً - على اختلاف مشاربنا واهتماماتنا وهوياتنا - أن نجلس مع أنفسنا جلسة مُغلقة لا يحضرها أحد سوانا ، ونواجهها مواجهة حادة وجادة ومُباشرة ، ثم نسجل النتائج !!.
أنا فعلت ذلك !!.
بقلم
عاطف دناوى
تعليقات
إرسال تعليق