وتلك الأيام ...بقلم المبدع /عاطف دناوى

 وتلك الأيام !!!
مَن قال بأن الأيام زمن وساعات ومَواقيت فقد ظلم نفسه ، وضيّق على الناس حياتهم ، وأفسد مَعناها !!. 
فالأيام بشر ؛ نستقبل بعضهم بفرح وترحاب وبشارة ، ونودع بعضهم بالدموع والوحشة والاشتياق !!. 
والأيام مَعارك ؛ ننتصر في أيام فنُخلدها وتُخلدنا ، وننهزم في أيام فنوّد لو مَحاها التاريخ من سجلاتنا وذاكرتنا ، وبقي بيننا وبينها أمد بعيد !!. 
والأيام زهور ؛ منها الياسمين المُبهج ، الذي يُعطر الأنفاس والأجواء والأرواح ، ومنها البنفسج الحزين الذي يرتدي مسوح الكآبة !!. 
والأيام موسيقى ؛ منها الصاخب ، يثير النفس ويُهيّج المشاعر ، ويوتر العقل ، ومنها الهادئ الرومانسي ، الذي ينساب في سلاسة فيبعث في النفس الراحة والطمأنينة والسكينة والشجن !!.
والأيام قصائد شعرية ، بعضها في المديح والهجاء ، وبعضها في الرثاء ، بعضها منظوم على بحر ثابت وقافية ، وبعضها مُبعثر غامض لا روح فيها ولا مَشاعر واضحة !!. 
والأيام بحار ؛ هذا مِلح أُجاج ، وذاك عذب فرات ، هذا بطعم الحلوى ، وذاك بطعم العلقم ، هذا يصخب مَوجه وتتلاطم مياهه ، وذاك سلسبيل يتهادي ، تغرد العصافير على شاطئيّه ويُعانق النخيل في فضائه النسيم !!. 
والأيام دول ؛ يوم لك ، ويوم عليك ، يوم يرفعك إلى عنان السماء ، ويوم يميد بك في هُوّة سحيقة من الأرض !!. 
والأيام ألوان ؛ منها الأبيض الناصع مثل رابعة النهار ، ومنها الأسود الكالح مثل عتمة الليل البهيم !!. 
والأيام أرواح ؛ بعضها تسكنها الشياطين ومَردة الجن ، وبعضها مَبروك تُطهرها التسابيح والتراتيل ، كأنها صومعة صوفي أو عباءة ناسك ، مثل أيامنا هذه ، والتي تلملم أطراف ثيابها راحلةً ، لاندري أنلقاها في عامنا القادم ، أم أنه الوداع الأخير !!. 
عَطّر الله أيامكم بالخير والحب والجمال والبركة ، سادتي وأخوتي وأحبتي ، وتيجان رأسي ، وإكليل الورود الذي يطوّق عنقي ماحييت !!.
بقلمى
عاطف دناوى


تعليقات