((( القلم )))
حِكْمةُ الباري وتقديرُ القديرْ أن ترى الظلمةَ نوراً أيَّ نورْ
صـامتٌ علَّمَ أرقى منطقٍ وضريرٌ فوقَ إبصارِ البصيرْ
جاهلٌ أرشَدَ أصحابَ النُهى حِكَماً حتّى تراهُ كالخبيرْ
لا يعـي مـا قـالَ إلاّ أنّهُ حينما ينطقُ فِكْرٌ وشعورْ
قـد يلاقـي المرءُ منهُ حتفَهُ أو يُرَقّيه رئيساً أو وزيرْ
فإذا أخطـأتَ لا ذنـبَ لهُ فهْو كالعبدِ مطيعٌ للأميرْ
وإذا كنـتَ مصيباً مـا لهُ أيُّ مدحٍ ولك المدحُ الوفيرْ
يَصحَبُ العالِمَ في أفكـارهِ وله خيرُ صديقٍ وسميرْ
وإذا مـا ماتَ أحياهُ بمـا قالهُ رغم اندثارٍ في القبورْ
فهْو رغـم البُعْدِ عن كاتبهِ ينقل الفكرَ وإحساس الضميرْ
قـد يضيع الدهرُ لولاهُ وقدْ يصبح الحقُ لدى السامعِ زورْ
حِكَـمٌ سطَّـرها في كُتُبٍ يكبُرُ المرءُ بها وهْو صغيرْ
عِبَـرٌ تُغنيكَ عـن تجـربةٍ فترى عاقبةَ الأمر العسيرْ
لتعيـشَ الدهـرَ لا اليأس له قبضةٌ فيكَ لِتُبقيكَ أسيرْ
فـأداةٌ أقسمَ الله بهــا وبها أوّلُ ذِكرٍ للبشيرْ
لـو تفكَّرتَ بها في شأنها لَتيقَّنتَ لها شأنٌ كبيرْ
كلمـاتٌ قُطِّعتْ أوصالُها جُمعتْ فيها أحاديث العُصورْ
تُضحِكُ المرءَ وتبكيـهِ معاً وهْي لا تعرف بؤساً أو سرورْ
فنرى مـا فاتَ فيها حاضراً من علومٍ وسرورٍ وشرورْ
وديارٍ دُثِـرَتْ مـن زمـنٍ فنرى ما كان فيهنَّ يدورْ
ورجـالٍ قُبِـروا وانـدثَروا ولَهُمْ ما بيننا دوماً حُضورْ
وعلـومٍ أفْنَت الأعمارَ مِـن أجلها حتّى تجَلَّتْ للظهورْ
وزمـانٍ سُطِّـرَتْ أحداثُهُ لَجَهِلْناهُ بلا تلك السطورْ
أيُّهـا الكاتِبُ فاعلمْ إنَّما عملُ الكاتِبِ عذْبٌ وخطيرْ
فَتَفَكَّـرْ بالـذي تكـتبـهُ لا يكُنْ مِن هَمِّكَ القَولُ الكثيرْ
وترنَّـمْ بكلامٍ سـاحِـرٍ يُبْهِجُ النفسَ وتهواهُ الصدورْ
وابعث الحُـبَّ بأحلى لُغَةٍ وانثر السِحْرَ حُروفاً كالعبيرْ
لا تَسِـرْ في طُـرُقٍ أنت لها سببٌ يبعثُ في الناسِ النُفوْرْ
إنَّ أولى الناسِ بالإرشادِ مَنْ كانَ في الناسِ حكيماً وصَبورْ
ليست الأقلامُ بالشيءِ اليسيرْ إنَّها الدنيا وفِكْرٌ مُستَنيْرْ
فَهْيَ للناسِ مصابيحُ الهُدى وهْيَ لا تَفنى على مَرِّ الدُهورْ
شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي
تعليقات
إرسال تعليق