رساله إلى المسجد الأقصى ... بقلم الأديبة/ميسون يوسف نزال

 إلى المسجدِ الأقصى الحبيب :-
   السلام عليك ورحمة الله وبركاته
تحية ملؤها الشوق والحنين أما بعد /
   أتعلمُ يا أقصى ؟؟!!  كلما افترشتُ رصيفَ أحلامي حبرا أو ورقا أو ريشة رسام، اصطفت حولَ خمائرَ أحزاني كل كلمات تأنيبِ الضميرِ، فإني والله لأخجلُ من نفسي كلما وجهتُ ناظري إلى صورك المتزاحمةِ هنا وهناك، وإني لأنظرُ إليكَ وكلِّي حزن معتقٌ بحبرِ طفولتي المغتربة عنكَ خلفَ جبال الأساطيرِ المؤرخةِ بحجةِ المنفى، لكنّي أبيتُ الاستسلامَ لهذا التضليلِ، لأنكَ قابعٌ هنا تتسابقُ ونبضي،  مجرى الحياةِ الفانيةِ.
   سأخبركَ أنني منذُ أبرمتُ أولَ عهدٍ لي، كان أن أحافظَ على هويتي، لعلّي ذاتَ يومٍ أحتضنُ خصوبةَ فجرِكَ المتدلي بأزهارِ ربيعنا العربي، وأنني لربما استطعتُ أن أحملَ إكليلَ غارٍ أرفعهُ في وجهِ الظلمِ لأثبتَ وطنيتي، وأني أبدا لن أتخلى عنكَ، وسيبقى إيماني بكَ سرّ الوجودِ. 
   اليوم تحديدا هو يوم الأسير الفلسطيني، وكم من حبيبٍ فارقَ لمساتكَ الدافئةِ، يشتهي أن يشم رائحتكَ خلفَ قضبانِ الأسرِ العتيقةِ، أتعلمُ يا أقصى ؟! كم وددتُ أن أكسرَ تلكَ القيودِ وتلكَ الأغلال، وكم تمنيت لو أن الطريقَ سالكةُ إلى منابعِ النورِ في وجنتيكَ، لأزاحم أقدامَ الأسرى إليكَ وأصلي في محرابكَ، الذي حاولت بعض أيادي الإجرامِ محوهُ من طقوسِ العبادةِ، لكن هيهات أن يتسنى لها  قطع الحبلَ السري الذي يربطنا بكل حجرة أو كل صخرة أو حتى هواءٍ، نجيدُ استنشاقهُ منها، فنحنُ وإن كنا بأجسادنا مبعدون، فأرواحنا ملتصقة بهذا العشق الأزلي، وستبقى ثورة الحس قائمة، وكلمة النصرِ مدوية، وصرخة الحق يقظة، إلى أن يأذن الله بأول شعاع حريةٍ على يد أبطالٍ لم نعرفهم بعد، ولكنهم كصلاح الدين يأبون الهزيمة. 
   وفي ختامِ رسالتي، أوجه للعالم صرخة وجعي، إلى متى سينزفُ أقصانا أبناءه؟ وإلى متى هذا الصمت المخزي؟ .. بل إننا لا نريد يوما عالميا للأسرى، فما عادت تغرينا جملِ حقوقِ الإنسانِ الدوليةِ، وما عادت تحمينا الكلمات الرنانة، فماذا تعني كلمات تحرير الأسرى، غير مذابح أخرى بشرية!!، غير الرقص على نغمات الآهاتِ الفلسطينية، يا كل ضمائرَ أهل الأرض، استيقظوا فأقصانا يحتاجُ صحوة في الوقت الذي مات ضمير الدنيا في زمن مترع بالإثم... فإني أصرخ في لجج اليم... فهل يسمع من كان أصم ؟؟؟
أحبك يا أقصى. 
ميسون يوسف نزال / فلسطين


تعليقات