نداء خفي......بقلم الشاعر المبدع / د. رشيد هاشم الفرطوسي

(((   نداء خفي   )))
-3-

تَحكمُ الناسَ مجاهيلٌ لها  . . . سَلَّمَ الناسُ ولم يستفسروا

أتُرى ما الروحُ ما حَلَّ بمن  . . . ماتَ حتّى ما لديهِ أثَرُ

ما الذي سوف يلاقي كونُنا . . .  لِيقومَ العُدْمُ  ...  هذا البَشَرُ

أتُرى ما ذلك النفثُ الذي . . .  يبعثُ الروحَ بمن قد قُبِروا

أمْ  نظامٌ   ثابتٌ  مبتعدٌ  . . . عن قوانينَ  بها  نحن  نسيرْ

ليس فيما بيننا من شَبَهٍ . . .   في  ابتداءٍ  ومسيرٍ  ومصيرْ

عبثاً ينقادُ مَن  يقتادُنا . . .  لأُمورٍ شأنُها الشأنُ الحقيرْ

عَلَّنا نفقهُ ما نحن  بهِ  . . . من وجودٍ نحن لا نعرفهُ

فقد اعتدنا على ظاهِرِهِ . . .  فنجاريهِ ولا  نكشِفُهُ

نألَفُ الدهرَ على أحوالِهِ . . .  لانعاديهِ ولا نسعِفُهُ

بكلامٍ قَلَّ من يعرفُهُ    . . .  وحديثٍ   فوقَ  ما  نألَفُهُ

فحديثٌ قُنِصَتْ  أفكارُهُ   . . .   من كلام الغيب أو عمق  الضميرْ

كُلَّما حدَّثتُ نفسي  لا  أرى   . . .   من حدودٍ لاكتئابٍ  وسرورْ

فكأنَّ  الكونَ  في آخِرِهِ    . . .  كُلُّهُ  نحو سكونٍ  ودُثورْ

كلُّ شيءٍ فيه معنىً  زائلٌ  . . .   ليس شيءٌ يحمل المعنى الكبيرْ

كلُّ شيءٍ سنراهُ فوقَ  ما  . . .   قد ألِفناهُ  بتفكيرٍ جديدْ

ربَّما يبدو لنا  مختلفٌ    . . .   إنْ تفكَّرنا به لا  كالجدودْ

لِمَ لا نخرجُ عن مسلكهِمْ   . . .    لِمَ لا نتَّهِمُ الفِكْرَ  السديدْ

إنَّما نحيا سنيناً قَصُرَتْ   . . .  كيف يحوي الدهرَ ذا الفكرُ الوليدْ

عَجَباً نستشعرُ الناسَ ولا . . .  نرتضي عيشَهُمُ  فيما  نراهْ

هُمْ مساكينٌ بما لَمْ  يعرفوا   . . .  كُلُّهُمْ يسعى على  قدر  مناهْ

وعلى ذاكَ نظامُ الأرضِ في  . . . مَعْزِلٍ عن منهجِ الكونِ رؤاهْ

غير أنَّ العالَمَ العُلوي بهِ  . . . يتسامى دون حدٍّ منتهاهْ

يتجلّى رحمةً ليس لها . . .  طُرُقٌ  للظُلْمِ والشكِّ الكثيرْ

عالَمٌ في  كلِّ  ذاتٍ رغبةٌ  . . . للقوانين التي  فيها يسيرْ

غير أنَّ العيشَ فيه  مُطلَقٌ   . . . لانبعاث الروح والوعد  الأخيرْ

فقيودٌ نحن  فيها  دونهُ  . . . شغلتنا عنهُ بالأمر  الصغيرْ

كيف يسري نحو أفكاريْ  النَظَرْ  . . .

وبها  ذكرى   لآلاف   الصُوَرْ  . . .

نحنُ لا نعرف كيف اتَّفَقَتْ . . .  موجةُ الضوءِ وأعماقِ  الفِكَرْ

نحن في تكويننا أعقدُ من . . .  أنْ ينالَ الفِكْرُ مِنّا  مُستَقَرْ

أ فَهل أعظمُ من  أنظِمةٍ   . . . كلُّ طولٍ قربها فيهِ قِصَرْ

أيُّ كونٍ نحنُ  فيهِ ما  لنا . . .   لَمْ  نجدْ حتّى سبيلاً لِحوارِهْ

هل لنا عقلٌ لكي يُرشدَنا . . .  أنَّ للروح  سبيلاً في  مسارِهْ

إن يكُنْ من عِظَمٍ مقتدراً  . . . كيف نغدو فوقَ آفاقِ اقتدارِهْ .؟

فتعالى الملك  الحقُ  الذي  . . . جعل الكون  دليلاً  لِاعتبارِهْ

إنْ يشأْ ما انفتحَ الكونُ  لنا  . . . كي نرى آياتِ خلاّقٍ عظيمْ

بوجودٍ يهتدي الفِكْرُ بهِ  . . . أنّهُ  من  حِكَمِ  الله  الحكيمْ

لو عرفنا شأننا لَانتَفَضَتْ  . . . رقَّةُ التقديسِ في  الفِكْرِ  السليمْ

وتركنا سُبُلَ الشكِّ بربٍّ لنا أيِّ  رحيمٍ وكريمْ

ذلك الرحمن  أعلى  قِيَماً . . .  ذلك الملجأُ  عمّا لا  نُطيقْ

مَن ترانا كي  نُداري  فِكَراً  . . . ضَيِّقاتٍ عن وجودٍ لا يضيقْ

فمن الأجدَرِ إنْ لَمْ  نستَطِعْ . . . رؤيةَ الغيبِ نرى  الماضي السحيقْ

أو نَرى في الأمس ما  يُرشِدُنا . . . عن غدٍ إنْ كانَ مِن بعضِ الطريقْ

ليس يرضى الله بالجهلِ وقد . . .  وَهَبَ اللهُ لنا الفِكْرَ الوجيهْ

فمِن الأجْدَرِ أنْ  لا  نقتفي  . . . غيرَ هديِ الله فيما  نقتفيهْ

كُلُّ شيءٍ كائنٌ في  حُكمِهِ . . .  لا يعي من لا يرى ما هو فيهْ

كُلُّ حَقٍّ دونهُ  مندَحِرٌ . . . كُلُّ دربٍ دونهُ فيهِ نتيهْ

شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي


تعليقات